أسباب المياه البيضاء في العين

عند الحديث عن صحة العين، دائمًا ما تتصدر المياه البيضاء قائمة المخاوف، كونها واحدة من الحالات التي تؤثر بشكل مباشر على وضوح الرؤية، وتزداد تدريجيًا إلى أن تُسبب غشاوة في الإبصار.

ولا تقتصر التساؤلات حول أسباب المياه البيضاء في العين على كبار السن، بل أصبحت محط اهتمام واسع من كل من يسعى للمحافظة على بصره. فهل تتعلق المشكلة فقط بتقدم العمر؟ أم أن هناك عوامل أخرى تساهم في ظهورها؟

في هذا المقال، يوضح الدكتور طراد القاضي -أستاذ مساعد واستشاري القرنية والماء الأبيض وتصحيح الإبصار بالليزر والليزك- سبب المياه البيضاء في العين ونصائحه للحد من خطر الإصابة بها.

أبرز أسباب المياه البيضاء في العين

تتميز عدسة العين الطبيعية بشفافية كاملة، لكن مع تعرضها لبعض العوامل، تبدأ بروتينات العدسة بالتغير، مما يؤدي إلى تعكر في العدسة، وبالتالي صعوبة في مرور الضوء إلى الشبكية، ومن أشهر أسباب المياه البيضاء في العين ما يلي:

– التقدم في العمر

تزداد فرص الإصابة بالمياه البيضاء في العين مع التقدم في العمر؛ إذ يزداد معدل تحلل بروتينات العدسة وتكتلها، وتبدأ أعراض المياه البيضاء في الظهوروالتي تشمل تشوش الرؤية وضبابيتها.

– التعرض الزائد لأشعة الشمس

يُشير الدكتور طراد إلى أن التعرض المستمر لأشعة الشمس -خاصةً الأشعة فوق البنفسجية- سبب المياه البيضاء في العين الرئيسي لدى نسبة كبيرة من المرضى؛ إذ يُسرّع من تدهور مكونات العدسة عن طريق تحفيز الأكسدة، ما يؤدي تدريجيًا إلى ضبابية العدسة وفقدان الشفافية.

–  العوامل الوراثية

تلعب الجينات دورًا مهمًا في ظهور المياه البيضاء في سن مبكرة لدى بعض الأشخاص، نتيجة خلل وراثي في تركيب العدسة. وتُعد هذه الحالات أقل شيوعًا لكنها أكثر تعقيدًا، وتتطلب متابعة دقيقة مع متخصص مثل الدكتور طراد القاضي.

–  مرض السكري

من الأمراض المزمنة التي تؤثر بشدة على العين، حيث تتسبب مستويات السكر العالية في تراكم مادة “السوربيتول” داخل العدسة، مما يؤدي إلى احتباس السوائل داخلها وتشكل العتامة بمرور الوقت.

– استخدام الكورتيزون لفترات طويلة

تُشير الدراسات إلى أن الاستخدام غير المنضبط لأدوية الكورتيزون يُعد من أسباب المويه البيضاء في العين، إذ يؤدي إلى اضطرابات في التمثيل الغذائي داخل العدسة وتلف تدريجي في البروتينات.

–  التعرض لإصابات في العين

الرضوض المباشرة أو الحوادث التي تؤثر على العين قد تُلحق ضررًا بالعدسة وتسرّع من فقدان شفافيتها، خصوصًا في حال إصابة الألياف الدقيقة داخل العدسة أو اضطراب ضغط السوائل سبب المياه البيضاء في العين أيضًا.

–  التدخين

لا يُخفى على أحد تأثير التدخين في الجسم، والعين ليست استثناءً. فهو يُضعف تدفق الدم ويُسبب تراكم مواد ضارة داخل العين تسرّع من إعتام العدسة. ويوضح الدكتور طراد القاضي أن المدخنين أكثر عرضة للإصابة بالمياه البيضاء مقارنة بغيرهم.

من المهم التنويه إلى أن وجود أحد هذه العوامل لا يعني بالضرورة الإصابة، لكنه يزيد من احتمالية ظهور المشكلة لاحقًا، خاصةً مع غياب المتابعة أو الفحوصات المنتظمة.

هل كثرة البكاء تسبب المياه البيضاء؟

يعتقد البعض أن البكاء المستمر قد يكون من أسباب المياه البيضاء في العين، لكن الحقيقة الطبية – كما يوضحها الدكتور طراد – تؤكد أن هذا الاعتقاد غير صحيح. فالدموع تحافظ على ترطيب العين وتطرد الشوائب، ولا علاقة لها بتكوّن العتامة.

هل يؤدي استخدام الشاشات فترة طويلة إلى تكون المياه البيضاء في العين؟

رغم الانتشار الواسع لاستخدام الشاشات، فإنه لا توجد أدلة علمية تؤكد أن النظر الطويل إليها يُسبب المياه البيضاء. إلا أن إجهاد العين الناتج عن الاستخدام المفرط قد يؤدي إلى مشكلات أخرى مثل الجفاف والصداع.

ماذا يحدث إذا تجاهلنا أسباب المياه البيضاء؟

إهمال سبب المياه البيضاء في العين قد يؤدي إلى عدة مضاعفات، مثل:

• ضعف تدريجي في النظر.
• اعتماد دائم على الإضاءة العالية.
• وفي الحالات المتقدمة، قد يصل الأمر إلى فقدان البصر الكامل.

يُشدّد الدكتور طراد القاضي على أن الكشف المبكر وإزالة العدسة المتضررة في الوقت المناسب يمنع هذه المضاعفات تمامًا، ويُعيد للمريض جودة النظر، ويُنهي معاناته مع أعراض المياه البيضاء المؤرقة.

هل من علاج فعال للمياه البيضاء؟

نعم، العلاج النهائي للمياه البيضاء هو إجراء جراحي بسيط يُعرف باسم عملية المياه البيضاء، ويُعد من أكثر العمليات أمانًا ونجاحًا في طب العيون. يتم خلاله إزالة العدسة المعتمة وزراعة عدسة صناعية شفافة.

وينصح الدكتور طراد القاضي بعدم التردد في اللجوء للعملية حينما يُوصي بها الطبيب، فالتأخير قد يُؤدي إلى تدهور الحالة وصعوبة في استرجاع الرؤية لاحقًا.

خلاصة القول…

الوقاية من أسباب المياه البيضاء في العين تبدأ من الوعي بالمخاطر المحيطة، وتجنّب العادات الضارة، والحرص على زيارة طبيب العيون بشكل دوري.

ويؤكد الدكتور طراد القاضي أن الحفاظ على صحة العين لا يتطلب مجهودًا خارقًا، بل يكفي الالتزام بعدد من السلوكيات البسيطة، مثل استخدام النظارات الشمسية، والتحكم في الأمراض المزمنة، وتجنب الاستخدام العشوائي للأدوية.